• الديون اليونانية تهدد موازنات الدول الأوروبية

    05/03/2012

    الديون اليونانية تهدد موازنات الدول الأوروبية

     

    امرأة تمر بجانب محل للرهونات يعرض صور للعملة الأوروبية الموحدة في أثنيا. الفرنسية
     
     

    لكل يوم همه في أزمة الديون اليونانية، وفي كل مرة يحاول القادة الأوروبيون الإعلان فيها عن البدء في طي صفحة الديون السيادية لليونان، تأتي الأخبار في اليوم التالي لتشير إلى أن أزمة الديون السيادية لهذا البلد لم تنتهِ فصولاً، وإن المخاطر لا تزال تحيط بمنطقة اليورو، فأمس الأول خفضت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية موديز تصنيف اليونان من ''سي أي'' إلى ''سي'' أي أن اليونان صنفت في خانة الدول غير القادرة على سداد ديونها، وفيما كانت القمة الأوروبية الجمعة الماضي، تبدي استعدادها على الموافقة على منح اليونان خطة المساعدات الثانية بقيمة 130 مليار يورو، من خلال موافقة وزراء مالية الاتحاد الأوروبي مبدئياً على هذه الخطة، بانتظار إذ يتم البدء بتنفيذ الاتفاق بين المصارف الخاصة والصناديق الاستثمارية، من ناحية، وبين الحكومة اليونانية من ناحية ثانية، القاضي بشطب 107 مليارات يورو من ديون اليونان الخاصة، نشرت مجلة ''أثينا نيوز'' تقريراً عن التكلفة المحتملة لإعلان اليونان عن إفلاسها بشكل غير منظم نقلاً عن المنظمة المصرفية العالمية التي أشارت إلى أن إفلاس اليونان بشكل فوضوي وغير مضبوط سيكلف الاقتصاد العالمي أكثر من ألف مليار يورو.
    وجاء في التقرير الذي أعدته المنظمة، وتضم أكثر من 400 مؤسسة مصرفية من 70 بلداً، ومقرها واشنطن أن المصرف المركزي الأوروبي سيتأثر أكثر من غيره من مثل هذا الإفلاس بسبب سندات الخزينة اليونانية التي اشتراها من جهة، والتحركات التي يجب أن يُقدم عليها للحيلولة دون انتقال العدوى إلى الدول الأوروبية الضعيفة في منطقة اليورو من جهة ثانية.
    كما أن إفلاس اليونان سيؤدي إلى مزيد من الركود الاقتصادي والعجز في موازنات الدول الأوروبية من جهة ثانية. ونشرت نيوز مقطفات منه، إلى أن إفلاس اليونان غير المنظم يهدد بزعزعة استقرار البرتغال، إيرلندا، إيطاليا وإسبانيا. وقالت أثينا نيوز إنه تم تسليم هذا التقرير إلى قادة الدول الأوروبية في الـ 18 من الشهر الماضي. واستبعد التقرير بقاء اليونان في منطقة اليورو في حال الإعلان غير المنظم عن إفلاسها. ولعل هذا ما دفع فيليب روسيلر وزير الاقتصاد الألماني إلى المطالبة بتكليف مفوض أوروبي بالإشراف على تطبيق الإصلاحات في اليونان والمساهمة في مساعدته على تحقيق النمو الاقتصادي.
    ومشكلة اليورو لا تنحصر في الديون السيادية اليونانية والمخاطر التي تحدق بها بعد تسوية أزمة سندات الخزينة اليونانية وإعادة جدولتها، في حال تنفيذ الاتفاق بين المصارف الخاصة والحكومة اليونانية، هي بالبطالة. فعدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو يزيد على 16.5 مليون شخص، أي ما يوازي عدد سكان هولندا. ومره ونصف (11 مليون شخص) من عدد سكان اليونان. وفي فرنسا وصلت نسبة عدد العاطلين كلياً عن العمل في الربع الأخير من العام الماضي 9.4 في المائة وهذه النسبة ترتفع إلى 9.8 في المائة إذا ما أضيفت إليها نسبة العاطلين عن العمل في المقاطعات الفرنسية ما وراء البحار. وهذا يعني أن عدد العاطلين عن العمل زاد على 2.86 مليون شخص وهو مرشح للارتفاع إلى ثلاثة ملايين شخص هذا العام.
    كما أن نسبة البطالة في إسبانيا سترتفع هذا العام لتصل إلى نحو 25 في المائة. وصندوق النقد الدولي، الذي أشاد بتطبيق إيرلندا للإصلاحات الاقتصادية، حذر من تصاعد البطالة فيها.
    وإذا كانت السياسة التقشفية التي اتبعتها الحكومة الإيرلندية قد سمحت بتخفيض العجز في الميزانية العامة 30 في المائة في عام 2010 إلى 10 في المائة في العام الماضي وإلى 8.6 في المائة، كما هو متوقع هذا العام فإن المخاطر المحدقة بإيرلندا تبقي نسبة البطالة المرتفعة التي تصل إلى 14 في المائة.
    وأيضاً تدهور الوضع في منطقة اليورو الذي يمكن أن يؤثر في النمو الاقتصادي لإيرلندا، الذي سيصل هذا العام إلى 0.5 في المائة.
    والسياسة التقشفية التي اتبعتها إيطاليا سمحت لها بتخفيض العجز من 4.6 في المائة في عام 2010 إلى 3.8 في المائة، هذا العام وفقاً للتوقعات وبفضل التدابير التقشفية، التي اتخذتها حكومة ماريو مونتي، والهادفة إلى استعادة التوازن في الموازنة العام المقبل، استعادة إيطاليا ثقة الأسواق بها، تمكنت من تخفيض الفوائد على سندات خزينتها إلى ما دون الـ 5 في المائة لمدة عشر سنوات. ولكن هذه الأرقام الإيجابية تخفي حقيقة مرة. وهي أن الديون الإيطالية قد زادت العام الماضي لتصل نسبتها إلى 120.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام أي بلغت 1897 مليار يورو في عام 2011. بينما كانت نسبتها 118.7 في عام 2010.
    وقد امتصت الفوائد على الديون الإيطالية العام الماضي 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام. والتدابير التقشفية أدت إلى عودة الركود الاقتصادي في إيطاليا في نهاية العام الماضي.
    والحكومة الإيطالية تتوقع أن يكون الركود هذا العام ناقص صفر فاصل 4 في المائة، إلا أن المفوضية الأوروبية أكثر تشاؤماً وهي تتوقع أن يصل إلى 1.3- في المائة وصندوق النقد الدولي إلى 2.2 في المائة.
    كل هذه المعطيات والخوف أن تقتل التدابير التقشفية التي فرضتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الدول الأوروبية، التي وقعت على المعاهدة الأوروبية الجديدة، دفعت بـ 12 من قادة الدول الأوروبية، من الذين وقعوا على المعاهدة، إلى المطالبة بخطة لدعم النمو الاقتصادي. وفي طليعة هؤلاء رئيسا وزراء إيطاليا وإسبانيا. وهم بذلك، يحتجون، بشكل أو بآخر، على الرؤية الألمانية للخروج من الأزمة، وهي رؤية يفرضها خوف المستشارة من مواطنيها. فـ 62 في المائة منهم لا يؤيدون مساعدة ألمانيا للدول الأوروبية على مواجهة أزمة اليورو.
    وقد فرضت ميركل على بقية الدول ''المعاهدة التقشفية'' إذا جاز التعبير للمساهمة والمساعدة على التصدي للأزمة. واضطر القادة الأوروبيون للموافقة على المعاهدة الجديدة، باستثناء بريطانيا وتشيكيا.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية